الأربعاء ٠٣ / سبتمبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا التحرير

أخبار عاجلة

<> رحلة شركة الحديد والصلب في 71 عاماً

ليبيا : ميليشيات طرابلس بين الفوضى والسيطرة

ليبيا : ميليشيات طرابلس بين الفوضى والسيطرة


بنجاة معمر الضاوي، قائد "الكتيبة 55" من محاولة اغتيال دامية في ورشفانة غرب طرابلس، يفتح باب جديد للفوضى التي تضرب العاصمة الليبية منذ سنوات، إذ باتت هذه الحادثة بمثابة جرس إنذار يعيد التوتر إلى المشهد الأمني، ويؤكد هشاشة التوازن بين الميليشيات والعائلات المتنفذة في محيط العاصمة ،ففي لحظة لم تتجاوز نصف ساعة، تحولت منطقة المعمورة إلى ساحة قتال مفتوح بعدما تعرض موكب الضاوي لإطلاق نار كثيف، أسفر عن مقتل 12 شخصاً من المهاجمين، بينما نجا الرجل الذي ينظر إليه كأحد أقوى قادة الغرب الليبي وأكثرهم تأثيراً. ورغم الإعلان عن عودة الهدوء، فإن الرعب الذي بثه الهجوم ما زال يخيم على الأجواء، وسط حالة استنفار غير مسبوقة للكتيبة 55.

ويصف اللواء أشرف فوزي، الخبير الأمني، المشهد في طرابلس بأنه "قنبلة موقوتة"، موضحاً أن تعدد مراكز القوة بين الميليشيات والعائلات المتنفذة يحول دون أي بناء مؤسساتي مستقر. ويرى أن محاولة اغتيال الضاوي ليست مجرد عملية تصفية شخصية، بل مؤشر على صراع أعمق حول النفوذ والسيطرة على الموارد الحيوية وخطوط الإمداد، وهو ما قد يعيد العاصمة إلى مربع الفوضى الشاملة.

ولا تبدو هذه الحادثة معزولة عن خلفياتها؛ في المواجهات بين الكتيبة 55 ومجموعة اللفع، التي فقدت قائدها رمزي اللفع قبل أسابيع قليلة، تفتح الباب أمام احتمالات تصفيات متبادلة أو إعادة تموضع للقوى المسلحة في ورشفانة وما حولها. هذه المنطقة تحديداً تمثل عقدة جغرافية حساسة، إذ تشكل بوابة الدخول إلى العاصمة من الغرب، وهو ما يجعل أي خلل أمني فيها بمثابة تهديد مباشر لطرابلس.

ويحذر اللواء فوزي من أن العاصمة قد تشهد في المستقبل القريب تصعيداً أكبر، خاصة إذا فشلت حكومة الوحدة في ضبط إيقاع الأمن، مؤكداً أن محاولات الاغتيال في بيئة هشة كهذه سرعان ما تتحول إلى مواجهات مفتوحة بين الميليشيات، وهو ما يضع طرابلس مجدداً أمام خطر الانفجار الداخلي.

تغذية الانقسامات ودعم ميليشيات

ويؤكد علي عبدة، رئيس مجلس التعاون العربي، أن ما يجري في ليبيا لا يمكن فصله عن التدخلات الإقليمية والدولية، حيث تتحرك بعض الأطراف لتغذية الانقسامات ودعم ميليشيات بعينها بما يضمن بقاء الفوضى. ويشير عبدة إلى أن استمرار مثل هذه العمليات يهدد ليس فقط أمن العاصمة، بل ينسف أي جهود سياسية لإعادة الاستقرار، لافتاً إلى أن القوى المحلية وحدها عاجزة عن فرض حلول دون إرادة حقيقية لدمج هذه التشكيلات المسلحة في مؤسسات الدولة.

ومن خلال تتبع الأحداث، يبدو أن اغتيال رمزي اللفع الشهر الماضي كان بمثابة الشرارة التي أعادت فتح ملف الحسابات القديمة بين العائلات المتنفذة في ورشفانة، ليتحول الخلاف المحلي إلى مواجهة مسلحة واسعة. ويقول مراقبون إن غياب القيادات الوسيطة، وتنامي النزاعات العائلية، جعل الأرضية مهيأة لا سيناريوهات دامية، من بينها استهداف قيادات مؤثرة مثل الضاوي.

أما سياسياً، فيعتبر علي عبدة أن غياب الإرادة الدولية الجادة لمعالجة الأزمة الليبية يترك فراغاً تملؤه هذه المجموعات المسلحة. ويشدد على أن أي حديث عن انتخابات أو تسوية سياسية سيظل حبراً على ورق طالما لم تحسم معركة السلاح لصالح الدولة، مضيفاً أن استمرار مثل هذه الأحداث سيجعل ليبيا ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية أكثر مما هي ساحة لبناء الاستقرار الوطني.


ضاحى عمار

موضوعات ذات صلة