الأربعاء ٢٤ / أبريل / ٢٠٢٤
من نحن اتصل بنا التحرير

أخبار عاجلة

<> انطلاق فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية

باب الاجتهاد مفتوح.. لمن؟

باب الاجتهاد مفتوح.. لمن؟

أكد عدد من علماء الأزهر الشريف أن الإسلام ترك مساحة كبيرة للاجتهاد يتحرك فيها، نظرا لكونه الدين الخاتم الذي لا دين بعده والشريعة الخاتمة التي لا شريعة بعدها.. وبسبب تجدد الزمان وتغير الظروف كان لا بد من وجود يمضى مع أصول الشريعة ومقاصدها؛ كي يستنبط من الأصول أحكام المستجدات التي لم ترد فيها نصوص دينية قاطعة (القرآن والسنة) أو يعيد الاجتهاد في أحكام أمور قد تغير ظرفها زمانا ومكانا.. وأوضحوا أن الخطاب القرآني الموجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقرر أن البيان النبوي للقرآن يترك للاجتهاد والتفكر مجالات ومجالات "ولعلهم يتفكرون"، مؤكدين أن النزاع قائم حاليا حول مسألة التأهيل ومن الذي يقوم بالاجتهاد وهل هو متروك لكل أحد مهما كان تحصيله العلمي أو مجاله التخصصي؟ يقول د. أحمد سعد الخطيب العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بقنا: إن الاجتهاد لا يقوم به إلا من ساغ وصفه بالمجتهد، وحتى يحصل هذه المكانة لا بد من أن تتوفر فيه شروط معرفية وعلمية قاسية مجملها: العلم بأصول الدين، ومقاصد الشريعة، والنبوغ في علوم اللغة، وفي علوم القرآن، وعلوم السنة وأصول الفقه، وبالأخص ما يتصل بدلالات الألفاظ، إضافة إلى بعض العلوم الإنسانية.

شروط كثيرة لا يتسع المقام لتفصيلها يعرفها أهل العلم بالشريعة من رجالات الأزهر وغيرهم والذين يتقاصرون تواضعا عن ادعاء مقام الاجتهاد الفردي، ويستعيضون عن ذلك بمكانهم في الاجتهاد الجماعي الممثل الآن في المجامع العلمية والفقهية، كهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية ومجمع الفقه الإسلامية بمكة المكرمة. ويتعجب ممن لا يملكون من العلم إلا قشورا استطالوا بها على الناس فادعوا أنهم مجتهدون ثم راحوا يبحثون عن شواذ الأقوال الفقهية ليهاجموا التراث بها في استعلاء واضح على وجوههم وتنكر فج للعلماء المعتبرين قديما وحديثا. فما العلم الذي مكنهم من التصدر للاجتهاد والانـتـقـاد وأكثرهم غير متخصصين في علوم الشريعة؟ هذه فوضى تحتاج إلى وضع حد حتى لا يهرف أحد فيما لا يعرف فيصيب الناس بالقلق والاضطراب. ويـروي موقفا حدث له أثناء نقاشه حول مسألة الظن في نقل الأخبار مع أحد "نـجـوم الـفـضـائـيات"، حسب وصفه، ممن يهاجمون السنة وكان قد طرح الموضوع ليطعن في نقل الأحاديث النبوية فقال له الخطيب: ما الذي فهمته من قول العلماء إنخبر الآحاد يفيد الظن؟ وكانت الإجابة صادمة حيث قال: معناه أن الرواية من تأليف وإخراج أصحاب السند، قلت له: شكرا لفهمك إذن لا ينكر على مثلك ما توجهه من نقد، ويختتم الخطيب حديثه حول الاجتهاد قائلاً: أنه باب لا يمكن إغلاقه "لكنه لا يقبل إلا من مجتهدين وليس مدعين". شواذ الأحكام وعن مسألة تتبع شواذ الأحكام وطرحها للمستفتيين وتخييرهم يرى الخطيب، أن هذه من الظواهر التي أثارت قلقا في المجتمع وبلبلة فيه، وما يقال في قاعات الدرس من ذكر للآراء قويها وضعيفها لتدريب الطلاب على ممارسة النقد والتمييز بين الأقـوال لا يصح طرحه في الفضائيات، وخصوصا بفتح الباب أمامهم باختيار ما يناسبهم من أقوال أهل العلم. فالمستفتي، حسب ما يرى الخطيب، يحكى حاله ويطلب فيها الحكم الذي يرجو أقرب إلى مرضاة الله والوقوف عند محارمه وعلى المفتي المؤهل أن يتعامل مع هذا المستفتي كما يتعامل الطبيب مع مريضه والخبير مع من يستشيره ليصف له ما يرضي الله أولا ويريح ضميره كمفت ويريح السائل نفسه الذي وثق أن يكون فيه وفي اختياراته. الرأي الراجح أما د. جـاد الـرب أمين، العميد السابق لكلية الدراسات الإسلامية بنين بالقاهرة، فيقول:والـشـاذة قاصرة على طلاب العلم، حتى نعلمهم كيف يـكـون الرأيوالرأي الآخـر حتى نعلمهم اختلاف الآراء الفقهية وكيفية نقدها، أما بالنسبة للعامة، فالآراء الشاذة لا تقال لهم "ما أنت محدث قوماً بحديث لا تحتمله عقولهم إلا لبعضهم فتنة" وهذه الأقوال والآراء الشاذة لا تستوعبها عقول العامة، بل تسبب البلبلة والفتن والتشكك في هذه الآراء، بل ربما كان رأياً شاذاً على هوى أحد الناس، فيشكك في الرأي الراجح عند الجمهور وهذا خطأ عظيم، أما من يتصيدون الآراء الشاذة وينشرونها على الناس فهؤلاء يمثلون أنفسهم ولا يمثلون الأزهر الشريف، فما يمثله مجامع فقهية جماعية مؤسسية كلها بنيت على الرأي الراجح وهو آراء الجمهور على المذهب السني. ويوضح د. مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين السابق بجامعة الأزهر أسيوط ، أن الاجتهاد من الأمور العظيمة التي يجب أن يوليها علماء المسلمين العناية العظمى وألا يستخف بها الناس، مبينا أن الاجتهاد كما عرفه العلماء هو: بذل الطاقة من الفقيه في تحصيل الحكم الشرعي الظني، فهو لا يدخل فيه الأحكام القطعية كالصلاة والصيام ولا في أحكام المواريث بالتبديل والتغير كما يجرى من بعض الناس في العصر الحديث تحت مسمى الاجتهاد، والاجتهاد لا يجوز لكل إنسان وإنما يكون للعالم المتخصص في علوم الشريعة الإسلامية، ومن هنا يقول الشافعي لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله تعالى إلا من كان عالما بكتاب الله وناسخه ومنسوخه ومحكمه وتشابهه وتأويله وتنزيهه مكيه ومدنيه وأن يكون بصيراً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وباللغة العربية، وما يحتاج إليه العالم في فهم القرآن والسنة وكتب الفقه".. ويتضح لنا من ذلك أن معظم الذين يتعرضون للاجتهاد في الفضائيات وغيرها ليس بصيراً بأمور الدين ولذلك يتخبطون في الأحكام الشرعية. حب الظهور ويوصي العلماء الذين يتصدرون للإفتاء أن يتوخى كل منهم الحذر من الخروج على المذاهب الأربعة وان يتجنب الاقـوال الشاذة في المذاهب ولا يعرضها على الناس، خاصة إذا كان بعض هذه الآراء يتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله، هذه الأقـوال الـشـاذة راجعة إلى حب الظهور، وقيل "لحب الظهور قصم الظهور" . عماد عبد المنعم

محرر الموقع

موضوعات ذات صلة